الثقافة وأثرها على سلوك المستهلك، الجزء الأول

تفريغ محاضرة الثقافة وأثرها على سلوك المستهلك، 2003-2004م، الجزء الأول.

موضوعنا اليوم الثقافة وأثرها على سلوك المستهلك، ماهي الثقافة؟

مفهوم الثقافة

الثقافة في تعريفها العامي هو أن تعرف شيء من كل شيء.. وهذا التعريف بحاجة إلى إعادة نظر.. لكن من خلال ما يدخل ضمن الثقافة نعرف سعة الثقافة..
ما معنى سعة الثقافة؟
الثقافة تعني البيئة.. كل ما في البيئة ويؤثر في الإنسان.. يؤثر في المستهلك.. يعتبر ضمن الثقافة.. ولذلك فهي تشمل اللغة والدين وطريقة اللباس والمظهر والإسكان والعلاقات الأسرية والأنشطة اليومية والذكريات والقيم والعادات والنظرة إلى العالم والملكية ومستقبل كل الناس.. جميع الأنشطة الإنسانية المحيطة.. وهي تعتمد على خبرات وتجارب الفرد والمجتمع كذلك.
الآن نأتي.. الثقافة بالمعنى الحديث ليست المجتمع المحيط بك فقط.. إنما على مستوى العالم.. لأنك ترى العالم وتسمع يومياً عن العالم وما يحدث فيه من الرياضة إلى الموضة المتعلقة بالملابس إلى نمط الاستهلاك للمواد الغذائية إلى معلومات سياسية وإخبارية مختلفة عن العالم.. كل شيء.. حتى الابتكارات والمخترعات الحديثة.. هل تأثرت بها أم لا؟

تأثرت.. وفي السابق أن الإنسان ليس كومبيوتر.. الكومبيوتر تعطيه ملف فيقوم بأرشفته بينما الإنسان يومياً وفي كل لحظة يحدث ملفاته ويلغي وينشئ ملفات.. كل معلومة تدخل يعالجها مع جملة من المعلومات السابقة.. فيحدثها إذا شعر أنها متقادمة.. ويدمجها ويجعلها في ملف جديد.
هناك ومعلومات قد تختلف عن سابقتها أو يلغي الملف بشكل نهائي.. هكذا الانسان يختلف عن الكومبيوتر.
الكومبيوتر لا يعالج المعلومة.. لأنه مخزن للمعلومات يسترجعها عند الطلب.. لكن لا يعالجها كلها مثل الإنسان.. قد يعالج بعضها بشكل منطقي.. لكنه لا يستطيع معالجة الأمور غير المنطقية.
الإنسان في معالجاته عندما يصنع لنفسه صور وخلفيات ذهنية وخلفيات إدراكية هو في الأصل يقوم بعمليات غير منطقية في بعض الأحيان ويبني عليها أسس منطقية حتى يقنع نفسه ويتبناها.. ولذلك الاختلافات بين البشر قد تكون 180 درجة.. وكل واحد شخص متسلسل في أحاديثه ومترابط في أفكاره.. لأنه كل واحد قد وضع صورة من خلال كم المعلومات التي أدخلها.. وكما قلنا أن للاهتمام دور في إدخال المعلومة.
فالثقافة تعني البيئة وتعني الخلفية الإدراكية للفرد.. هذه النقطة الأساسية في الثقافة.
نحن لا نأخذ الثقافة من الجانب المنهجي الأكاديمي.. ندرس الشعوب وسلوكياتهم وأعرافهم.. هذه جانب أكاديمي.. وهناك علماء تستهويهم هذه الأشياء يبحثوا في هذا المجال.. ويسمى علم الاجتماع.
لكن نحن كتسويقيين ندرس الثقافة وتأثيرها على اختيارات الفرد للسلع والخدمات المختلفة.

كيف تتفاعل هذه الثقافة؟

كيف تتفاعل البيئة لتركب جوانب معرفية لدى الإنسان وتتمثل في الثقافة التي يمتلكها ومن ثم تنعكس على خلفيته الإدراكية لاتخاذ القرار في الاختيار.. إذن نحن لا نأخذ الثقافة كثقافة مجردة.. وإنما نأخذ الثقافة وأثرها على سلوك المستهلك!
إذن مفهوم الثقافة مفهوم واسع.. كل شيء يحدث أمامك يؤثر فيك.. ترعاه باهتمام.. تنظر له باهتمام.. تحاول أن تدخله بحواسك.. صحيح.. أنت لا تدخل كل شيء.. أنت لا تستطيع تستوعب العالم بأكمله.. لكن أنت تُدخِل الأمور وفق اهتماماتك أو وفق جدية الأمور.. بمعني: مدى حداثتها وقوة التأثير فيها.
فتهتم فيها فتدخلها.. عندما تدخلها ستعالجها مع المعلومات المتراكمة السابقة فتشكل عندك خلفية إدراكية.. هذه الخلفية الإدراكية هي المنظار وليس العين!
هي المنظار الذي تنظر من خلاله للأمور.. للأحداث.. للأشياء.. للسلع والخدمات.. والذي يهمنا بالدرجة الأولى.. حيث على ذلك تقبل أو ترفض.. تشتري أو لا تشتري.. تقبل ماركة معينة وترفض ماركات أخرى.. هكذا.. سببها هو الخلفية الإدراكية!
مكونات الثقافة.. هناك نوعين من المكونات حسب ما هو مثبت في الكتب.. وسأتكلم هنا حسب ما هو موجود فيها ولن نتوسع لأن الموضوع كبير.. العنصر المادي الخارجي والعنصر الداخلي الذهني.
يعني: نعود إلى عملية لتفاعل.. يتأثر العنصر المادي الخارجي بالأشياء المحسوسة المحيطة بك.. وطبعاً كل كلمة ملموس يجب أن تحذف.. الملموس هو جزء من الحواس.. والأصل يجب أن يكون محسوس.
وللأسف سواء نحن أو الكتاب الغربيون ومن ثم الترجمة لها دور.
كما ذكرنا سابقاً أن المحسوس والملموس غير مفرق بينهما.. وهو في الحقيقة.. الخطأ هذا لا نركز عليه إن كان لفظي فقط إنما له دلالات.. يعطل أربع حواس من الخمسة.. ويعطل حاستين مهمتين.. هي النظر والسمع.. ولذلك نحن نركز عليه وذلك حتى نزيل هذا الالتباس ونستخدم كلمة المحسوس بدلاً من كلمة الملموس!
هذه النقطة.. العنصر المادي يتمثل بكل شيء في المحيط.. بناء على تلك التي يمكن مشاهدتها والإحساس بها واستخدامها في حياتنا اليومية.. كلها تمثل الثقافة المادية.. لماذا؟

ماذا تبني الجوانب المادية فينا؟

تبني التعبير عن النفس.. طبعاً لأن الكتب نقلت احتمالاً من كتب غربية. التعبير عن النفس بشكل جمالي ولطيف كما هو الحال عن طريق الفن والموسيقى.. كذلك حماية أنفسهم باللباس والبناء.. الاستمتاع بأوقات الفراغ عن طريق قراءة الكتب.. والوسائل التي تساعد على زيادة جاذبية الأفراد باستخدام المواد التجميلية كالعطور وأدوات التجميل.. ممارسة الوظائف الجسمية كالأكل والشرب والنوم والحلاقة بشكل آمن.. كما أن الثقافة المادية تزودنا بوسائل تقسيم العمل بحيث ينتج كل منا ما يحتاجه الآخر.
حسناً.. هذا كنموذج.. لأن هذا الجانب المادي للثقافة هو كل مخترع الآن أمامك تجده يثير في نفسك توتر في التعاطي معه.. ويثير في نفسك مستويات من التفاعل والسلوك مرتبطة بالعلاقات الاجتماعية والاقتصادية.. مرتبطة بالعمق الحضاري لدى الأسرة.
إذن هو لا يتعامل معك.. يعني أنت لا تتعامل مع المادة على أنها مادة مجردة.. هي تعطيك وتحرك في نفسك مكانة.. هواجس.. أحاسيس.. وتثير حاجات ورغبات!
ولذلك مثلاً استخدام السيارة للتنقل.. صحيح.. هذا أصل.. للاستفادة من الجهد والوقت.. هل هذه هي الحاجة الوحيدة من السيارة؟
في الأصل هذه هي الحاجة الوحيدة إذا أخذنا الصورة مجردة.. لكن عندما تدخل في الإنسان تتعدد الحاجات ولا تبقى هذه الحاجة.. بل تتحول إلى بديهية أساسية.. إذن هي أُنشئت وصُنعت لأجل ذلك.
ولذلك.. والله أعلم بتفسير الآية الكريمة: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها).. لماذا؟
لأن كل واحد ينظر للنعمة من زاوية خاصة.. فإذن هذه الآية كثير من المفكرين والمفسرين وقفو حيالها.. فقالوا هي تعني النعمة ولكن اقتضت الجمع.. وهي في الحقيقة كل نعمة.. وهذا شيء إن شاء الله نثبته لأنفسنا لعله لم يسبقنا أحد إليه!
كل واحد ينظر للنعمة من زاوية المنفعة الخاصة فيه.. هذه المنفعة من أين جاءت؟ جاءت من خلفيته الإدراكية التي شكلت نمطه الانساني.. فإذن تحديدها في هذا النمط كإطار عام.
أما النعمة نفسها.. فهي أعمق من ذلك.. هذا هو الجانب المادي المحيط بنا بماذا ينعكس علينا؟
ينعكس علينا بأمور مختلفة يجعلنا ننظر للجانب المادي بجوانب أخرى غير محسوسة.. في بعض الأحيان نعبر عنها وفي بعض الأحيان لا نستطيع أن نعبر.. لكنها تمثل حاجات ورغبات.. والحاجة والرغبة تمثل منفعة والمنفعة تمثل النعمة.. ولذلك الإنسان لما يعبث في سلعة أو مكون مادي.. يقال: (هذا لا يعرف قيمة النعمة)!
يعني: لا يدرك قيمة المنفعة التي فيها.. إذن ليس لديه أي منفعة.
متى تحدث هذه الحالة؟
في بعض الأحيان عندما يقلد الإنسان غيره بدوافع غير شعورية.. هو قد لا يعرف أنه يقلد غيره.. يقلده بلا شعور بكونه مثلاً: أكثر منه قبولاً في المجتمع.. إذن هو يريد المكانة!
أكثر منه مستوى اقتصادي.. أكثر منه في المستوى الاجتماعي.. أكثر منه ثقافتاً.. أكثر منه فهما للحياة.. هو يقلده لهذا..
لكن قد لا يدرك هذا التقليد.. فلما لا يدرك التقليد لأنه الأصل استخدم السلعة بشكل أصيل من ذات نفسه ونتيجة لأفكاره.. ومثلما قلنا نركز على الخلفية الذهنية والإدراكية لديه.. والذي قلده ليس من هذه الخلفية.. وهذا التقليد مشابه للسلعة الأصلية والمقلدة لها!
ولذلك مهما تكون السلعة مقلدة فهي تبقى مقلدة.. لأن المحتوى الأصلي لا يكون فيها.. يعني: السلعة ليست بلاستيك وحديد.. حتى هذه السبائك لها سر مهنه.. سر صنعة.. قلدت القريب منها.. لكن لا تستطيع تقليدها بالكامل.. على الأقل لا تقلد كل سبائكها وأجزائها.
فكذلك الأنسان الذي يقلد لا يستوعب المنفعة التي في السلعة.

الثقافة الذهنية

نأتي إلى الثقافة الذهنية الداخلية والمتمثلة في نظام المعرفة والتي تشمل اللغة والمعلومات والوصف الموضوعي للثقافة المادية..
يعني: أنت تتفاعل مع السلعة على أساس جملة انطباعات لا على أساس الشكل المادي لها.
الشكل الانسيابي يعطيك صورة جمالية مقبولة لديك فتجذبك فترضى عن السلعة..
الاستخدام يعطيك شيء آخر.. إذن تعاطيك للسلع يعطيك جملة انطباعات.
هي هذه التي تحدد لديك المنفعة ومقدار المنفعة فتؤثر لاختيارك للسلعة على قدر استيعابك للمنفعة.. من خلال ماذا؟
ليس السلعة.. بل الانطباع الذي تعطيه لديك.. الخدمة التي تقدمها والمتعة التي تقدمها.. الراحة والسهولة.
وكما نذكر سابقاً أن الدوافع العاطفية للشراء والاختيار تمثل 80% من الدوافع.. والدوافع المنطقية العقلية تمثل 20% فقط..
إذن.. هذا يعزز كلامنا السابق في أن السلعة لا تؤخذ بشكلها المجرد..
لأنه لو أخذت بشكل مجرد لكان الدافع منطقي عقلاني 100% لاختيار السلعة.
إذا أخذت بشكلها المجرد.. يعني أن كل الناس لديهم حاجة واحدة متماثلة..
فينظروا للسيارة بتجرد، فيقولو أنها وسيلة نقل تقلل الجهد والوقت.. لكن لأن هناك دوافع مختلفة نتيجة للخلفية الثقافية الإدراكية للفرد؛ أدت إلى تولد عدة حاجات لنفس السلعة الواحدة.. فضلاً عن الرغبات بضم القيم والعقيدة التي تشمل الدين.

العوائق الثقافية

سابقاً ذكرنا أنك قد ترغب بشيء تراه في أوروبا عبر الفضائيات وتقتنع باقتنائه وقد تشعر بحاجته والمنفعة التي سيحققها لك.. لكن تقف أمامك الأعراف.. حتى ليس الضوابط الدينية الحلال والحرام.. إنما الأعراف السائدة قد تمنعك من استخدام العديد من السلع.. والنظام والقواعد الاجتماعية التي تدخل في منظومة القيم ككل.
فإذن أنت يجب أن تضع في السلعة المنفعة اللازمة التي يدركها كل المستهلكين مع اختلاف الزوايا الإدراكية لهم.. بحيث كل منهم يستوعب السلعة بأنها تعطي إشباع مرضي عنه.. هذا لا يتم إلا من خلال دراسة النفس.. نفسية المستهلك وحاجاته ودوافعه.. ولا تكفي حاجاته ورغباته.. الآن المسألة تتعدى إلى دوافعه الشعورية واللاشعورية!

مسألة التوقعات لدى المستهلك

فهناك مسألة التوقعات لدى المستهلك.. المستهلك عنده توقعات.. خيالات.. أحلام يريد أن يجدها في السلعة.
ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (بشروا ولا تنفروا.. ويسروا ولا تعسروا)!
آلية غريبة وقوية في التأثير.. كل واحد منا يحس بها.. أول ما يصح الصبح يسمع خبر يسر -وهذا سلوك نبوي- يتفاءل بالكلمة.. الكلمة الجميلة يتفاءل بها.
هذا التوقع.. الإنسان يريد الخير.. مجبول على حب الخير.. والله يقول عن الإنسان في سورة العاديات: (وإنه لحب الخير لشديد).. والخير المعلوم والظاهر في الآية مرتبط بالعجلة.
يعني: الإنسان عجول في طبعه ويحب الخير الظاهر.. الذي يتمثل في الراحة والمتعة والاستقرار والأمان.. الخ..
في حين الخير أعم من هذا على الصورة الممتدة إلى الآخرة.. هو الخير أعم من هذا كله الذي يفكر به الإنسان.. لكن مع ذلك نجد أن الكل يتعامل مع الإنسان بهذه النفسية.
التوقع.. أعطينني ما أتوقع.. فإذا سمعت خبر جميل الصباح.. تتفاءل.
وللأسف اليوم الناس لا تتكلم بأخبار سارة.. كلها أخبار تشاؤمية.. لماذا؟
من خلفيتها الإدراكية!
الخلفية الإدراكية منطلقة من شيء غريب يتنافى مع ما تريده.. الحرص..
الأصل في الحرص أن يحبب لك الحياة.. يجعلك متفائل..
والحرص الآن يجعلك تنظر بنظرات تشاؤمية للأمور في حين يجب أن تنظر للأمور بنظرات تفاؤلية.
فإذن السلعة يجب أن تكون تعويض حقيقي للمستهلك عن خيالاته التي يريدها.. عن أحلامه التي يريد أن يحققها.
يعني: يجب أن تعطيه ما يتوقع.. أي أن نعمل بالآتي: (بشروا ولا تنفروا.. يسروا ولا تعسروا).
والتيسير هنا في الاستخدام حتى لا تنقص درجة الإشباع!
إذا لم يفهم المستهلك أو رضي بما يراد له من قبل المصممين.. وهنا نقطتين مهمتين جداً تم ذكرهما في صلب الكلام، الأولى تتمثل في أني أنا أريد أن أُشَكِّل شخصيتك بما أريد.. بشيء اسمه الابداع.. الابتكار.. الحداثة.. نمط.. الخ
وتر أدق عليه في الأصل.. حتى أجعلك أكثر طواعية في القبول للسلع والخدمات!
وفي نفس الوقت أنا أسوقك.. وعندما تكون أسيري.. فأنت طوع أمري.. فترى ما أرى.. وتعيش في غيبوبة عن كل ثقافتك وخلفيتك الإدراكية.. وتقتني سلعي..
هذا هو الحاصل.. أليس كذلك؟
وفي اليوم الذي تستيقض فيه تجد نفسك أسير لكل موضة تخرج..
إذن عندما تقبل بما يُعطى لك.. وتقتنع بما يقال عما يُعطى لك.. أنت في هذه الحالة قد شكلت نفسيتك وثقافتك وخلفيتك الإدراكية.. ليس بما تريد أنت.. بل بما يريد غيرك.. بما تريد الموضة!
بحيث أن الولع في الموضة مثلاً قد يخرجك من إطار القيم.. قد يخرجك من إطار العرف.. وتقبل بذلك.. وإذا لم تقبل في البداية.. ستقبل في النهاية.. عندما يكثر سواد الذين أسروا وشكلوا ثقافتهم على مقتضى ما يريده المنتجين!
هذه عملية اجتماعية خطيرة لكن يجب دراستها في سولك المستهلك.. ثقافة وهم!

ثقافة الوهم

بمعنى أنك تصنع لنفسك ثقافة من الوهم.. لأنها لم تخرج من انطباعاتك نفسها.. يعني: مثل ما أنت تقلد الآخر حتى تصبح هزلياً.. مثلاً: أنت جاد.. لكن تلبس لباس الهزل لأنك وجدت أن الشخص الآخر الهزلي محبوب لدى الناس!
عندما تتقمص هذه الشخصية وتحاكيها لا تجد نفس القبول لشخصك.. لماذا؟
لأن هذا يخرج من طبيعة الشخص.. وأنت ليس لديك نفس الطبيعة.. ولا نفس الجينات التي يحملها هو عن والديه.. ولم تعش البيئة التي عاشها والماضي الذي عاش به فشكّلت شخصيته.. أنت فقط تقلد صورة حاضرة ليس بها أبعاد.. فأنت تظهر كصورة جامدة.. وهو يظهر بعمقه الكامل.. أليس كذلك؟
كذلك الاستهلاك للسلع.. فإذا استعملت السلع والخدمات محاكاتاً وتقليداً وركضاً وراء الموضة حتى لا يقال أنك متخلف (وهذه نقطة مهمة) أنت في الحقيقة تكون أسير للموضة!
ولكن المفهوم الاجتماعي والقيمي لدى الناس يُبقي حالة الوسطية في التعامل مع الأشياء.. والخوف من التطرف في الاتجاهات..
هذه كلها تنشئها الثقافة.. وهي لها دور كبير في تناول السلع والخدمات.
ولذلك فالإبداع والموضات هي في الحقيقة عقوبات للفرد.. تغيير نمط التفكير.. تغيير الأعراف.. تغيير القوانين.

(يتبع)